الدكتور وليد البني
بعد
كل هذا الضجيج حول الحرب الأمريكية على على داعش ، وبعد كل هذا الحشد
العربي والإقليمي والدولي، هناك بديهيات لابد من توضيحها وهناك أسئلة لابد
من الإجابة عليها، من قِبل كل السوريين المؤمنين بسوريا الديمقراطية
التعددية دولة المواطنة التي يشعر فيها السوري بأنه في وطن لا يميِّز بينه
وبين أي سوري آخر بسبب الدين أو المذهب أو العِرق .
البديهيات هي:
١-إن
داعش والقاعدة وكل التنظيمات التي تحمل فكرها أو تدور في فلكها هي عائق
كبير وخطير جداً أمام سورية التي يؤمنون بها ويعملون لأجلها فبالرغم من
الخلاف القائم بين داعش والتنظيمات التي بايعت القاعدة، إلا أنها عقائديا
متفقة حول شكل الدولة التي يطمحون لإقامتها في سورية أو في سوريا وبقية دول
العالمين العربي والإسلامي، لذلك لابد من السعي الى تشكيل تيار وطني سوري
جامع يستطيع أن يكون الحامل لفكرة سورية التعددية الديمقراطية ذات الدستور
الحيادي للوصول الى دولة المواطنة العصرية.
.
٢-
إن نظام مافيا الأسد والمليشيات الطائفية المتحالفة معه هي عائق آخر لايقل
حجماً ولا خطورةً عن التنظيمات المذكورة أمام الدولة المنشودة. لقد أصبح
من الواضح أن الواجهة العلمانية التي يحاول أن يتلطى خلفها النظام لم تعد
الآن إلّا قشرة متهالكة لمشروع إيراني طائفي أساسه فكرة ولاية الفقيه
الذي تتبناه إيران وتحاول فرضه على المنطقة بمساعدة أدواتها المتمثلة في
حزب الله والمليشيات الطائفية الأخرى التي تقاتل مع النظام إنطلاقاً من نفس
المنطلق الأيديولوجي القروسطي الذي تعتمده داعش والقاعدة.
.
٣-
إن أي عمل آو تصرف يُنهي أحدهما ويبقي الآخر هو ضار بسوريا، وسَيُدخل
سوريا في مرحلة أشد ظلمة قد تمتد الى عشرات السنين ، فليس صحيحا القول أن
شر النظام يبقى أهوَن من داعش والقاعدة فتجربتنا معه حتى قبل الثورة وقبل
كل هذه الأحقاد التي أوجدتها ممارساته الإجرامية بحق المدنيين السوريين وكل
هذا القتل الذي مارسه دون رحمة في معتقلاته والتي أودت بحياة ألاف من
المعتقلين، وبأساليب تكاد تضاهي في بشاعتها الجرائم التي ارتكبتها داعش
بحق سوريين آخرين. آقول: إن تجربتنا معه وعلى جميع الصعد لاتدل إطلاقاً
على إمكانية الوصول الى سوريا التي نطمح بها، ففي حال تمكنه من إعادة
السيطرة على المجتمع والدولة في سوريا فسنشهد سنوات أكثر ظلمة من سنوات
الثمانينات من الإعتقال والقمع ونهب خيرات سوريا عبر فساد ونهب سيصبح أكثر
شراسة ووقاحة من السابق. كما انه من الخطأ الفادح القول أن علينا أن ندع
داعش والقاعدة تنتصران لأن الخلاص منهما سيكون آسهل من الخلاص من نظام قمعي
دموي مافيوي متجذر كنظام عائلة الأسد، فلم تثبت تجربة كل من أفغانستان
والصومال صحة هذا القول فهذا النوع من المجموعات المجرمة التي تعتبر نتيجة
فكرها الأعمى أن القتل والرجم والصلب نوعاً من التقرب الى الله والإنتحار
طريقاً الى الجنة ، ستدمر المنطقة قبل أن تترك شعوبها تقرر مصيرها
ومستقبلها خارج مشروعها الظلامي.
لذلك
وقبل إتخاذ موقف من ما تُحضِّر له الولايات المتحدة فإن على الوطنيين
السوريين محاولة الإجابة على بعض الأسئلة ومحاولة طرح هذه الأسئلة على
أشقاء وأصدقاء الشعب السوري ، والنظر فيما إذا كنا وإياهم نمتلك نفس
الإجابات عليها. قد لا تكترث الولايات المتحدة بهواجسنا وقد لا يستطيع
أصدقائنا ولا نحن إقناعها بوجهة نظرنا وقد تُنفذ ما تريد رغما عنا، لكن وفي
كل الأحوال فإن معرفتنا الواعية لما سيحصل ستجعلنا أكثر قدرة على معالجة
سلبياته والإستفادة من إيجابياته إن وجدت.
الأسئلة هي:
١ -
هل ممكن للخِطة التي سَتوضَع من قبل الأمريكان وحلفائهم أن تؤدي الى اسقاط
النظام في سوريا، وهل هذا هو المقصود من استبعاد النظام وإيران عن
التحالف.
٢-
هل سيتم فعلا ونتيجة هذه الحرب تقويض داعش وهيمنتها على الأراضي السورية
التي تسيطر عليها، أم أنها قد تعزز من شعبيتها وبالتالي تزيد من قوتها؟ وما
هي الإحتياطات المتخذة لعدم حصول ذلك دون حشد الأغلبية السورية ضدها.
٣-في
حال تمت هزيمة داعش ما هي القوى المسلحة القادرة فعلا على السيطرة على
المناطق الخاضعة لنفوذها ( هل هو النظام أم قوى المعارضة العسكرية المعتدلة
) ؟.
٤- هل هناك جيش حر فعلا، وهل للإئتلاف كما يدعي البحرة أي قدرة على توجيه وقيادة هذا الجيش إن وجد؟.
٥-
لنفترض أن الحرب على الإرهاب استهدفت بشكل وبآخر النظام وأدت الى إسقاطه
من هي القوى العسكرية القادرة على الحلول محله ، وهل استهداف النظام وارد
أصلاً.
٦-
هل تتواجد مؤسسات معارضة أو شخصيات سياسية قادرة على كسب ثقة السوريين
وحشد طاقاتهم للعمل على منع الدخول في الفوضى آو الوقوع تحت سيطرة
التنظيمات المتطرفة الآخرى التي تنضوي أو لا تنضوي تحت سيطرة داعش، في حال
انهار النظام لسبب أو آخر.
٧-هل
انهيار النظام الآن سيؤدي الى انتقال سوريا الى دولة سورية موحدة
ديمقراطية تحترم حقوق المواطنة لجميع السوريين، وهل تلحظ الخطة ضمانات
موثوقة لحدوث ذلك.
٨-
إذا لم يكن إسقاط النظام أحد أهداف هذه الخطة فهل يمكن لهذا التحالف
ممارسة ما يكفي من الضغوط على روسيا وإيران ( وبالتالي مافيا الأسد) لتقبل
بحل سياسي يؤدي الى مرحلة انتقالية تحت السيطرة والرقابة الأممية تنهي نظام
الأسد وتؤمن انتقالاً أكثر أمنا الى دولة المواطنة. المصدر : موقع كلنا شركاء