مدارس سورية في كليس: هل يرمم الدعم التركي ما دمره الأسد؟
بدأت فكرة المدارس السورية في تركيا عموما وفي كليس خصوصا مع بداية
تفاقم الأوضاع الإنسانية إثر اندلاع الثورة السورية وبدء النزوح بشكل كبير
من الشمال السوري إلى تركيا.
أدرك بعض المثقفين خطورة الوضع التعليمي في ظل النزوح فالأزمة قد تطول مما
ينذر بانقطاع عدد كبير من التلاميذ والطلاب عن مدارسهم وفقدان مستقبلهم
وماينجم عن ذلك من مشكلات.
ومن هنا عقدت نخبة من الأساتذة عدة جلسات حول امكانية اقامة مدارس سورية
تنقذ ما يمكن إنقاذه من جيل بدأ الانقطاع يشكل خطرا عليه من عدة نواحي
أولها الجهل وأخرها المجتمع الجديد الذي يعيش فيه وماقد ينتج عن ذلك لو
بقيت هذه الأعداد الكبيرة من الأطفال خارج نطاق المدرسة.
ومن ثم بدأت خطوة التواصل مع الجهات المعنية في محاولة للحصول على مبنى
للمدرسة حيث تم أولا طرق باب مديرية التربية في كليس، والمحافظة، وغرفة
التجارة والصناعة، ولقد كللت هذه الخطوة بالنجاح فلقد قدمت (بلدية كليس)
مبنى مع أثاثه، وفي نفس الوقت كانت هناك جهود موازية من قبل الأساتذة
المتطوعين وهي تنظيم قوائم وسجلات بأسماء المدرسين حسب اختصاصاتهم وقوائم
بأسماء الطلاب حسب أعمارهم وصفوفهم ومدارسهم التي كانوا فيها في سورية.
ولم تكن الأمور بهذه السهولة، أو كما تسردها الحروف التي نكتبها بل كانت
خطوات شاقة احتاجت الى صبر وايمان للاستمرار حيث كان العمل كله تطوعي وعلى
الرغم من ذلك استمر من كان يؤمن بالنجاح.
وبدأت المدرسة بصفوف أولى إلى أن وصلت للمرحلة الثانوية وأصبح في مركز كليس
خصوصا ما يقارب من ثمان مدارس تضم مايقارب من 5 آلآف طالب، عدا عن 8 مدارس
أخرى في مخيمين تضم حوالي 12 ألف طالب تحت الإشراف الحكومي التركي، واكثر
من مئة مدرسة في عموم تركيا، وعلى الرغم من هذا العدد يوجد حسب التقديرات
حوالي 6000 ألاف طالب خارج المدرسة من الجنسين ومن مختلف المراحل الدراسية
في كيليس وحدها.
وبالنظر الى المشكلات التي واجهت العمل التعليمي بشكل عام والتي سنذكرها
بعموميتها نجد أنها تتمثل بمشاكل سياسية حيث تضارب افكار السوريين ومواقفهم
من هذا الطرف أو ذاك، وتعليمية وهي كثيرة منها الشرخ الذي سببه الانقطاع
بالنسبة للطلاب، والفروق العمرية، والنقص في الكادر، واقتصادية تمثلت بعدم
وجود الدعم المادي حتى على مستوى تأمين الكتب والوضع المزري للأستاذة
والطلاب الذين تركوا كل شئ خلفهم تحت القصف على أمل العودة في غضون أسابيع
والبيئة المعيشية الجديدة المكلفة، ومشكلة البنية التحتية التي تتمثل في
توفير المباني اللازمة لاستيعاب الطلاب، واجتماعية ونفسية حيث تغيرت
التركيبة الاجتماعية للمجتمع نتيجة الحرب وعلى مستويات عدة وتأثرت نفسية
الانسان السوري بشكل عام فكيف بالأطفال والتفاصيل هنا كثيرة ولا يتسع
المقام لذكرها، ويمكن القول أن المشكلات وجدت في كافة المجالات.
ولقد تلقت المدارس دعما من عدة جهات في بداية انطلاقتها كانت ميزته
الأساسية الخجل وعدم التنظيم ولم يرتقي إلى المستوى المطلوب إلى أن تم
تنظيمه من قبل منظمة الهلال الأزرق التي تقدم راتب رمزي 500 ليرة تركية
شهريا هذا الراتب الذي لا يغطي أحيانا أجار البيت الذي ارتفع بشكل كبيرفي
وسط معيشي مكلف بالنسبة للسوريين وبناءا عليه نستطيع القول أن العمل مازال
تطوعيا ولا يسعنا هنا إلا تقديم الشكر للقائمين عليه كما يعتبر استمرارهم
في عملهم نجاحا بحد ذاته إذا ما نظرنا إلى الظروف الضاغطة على كل سوري.
أما المشكلة التي شكلت عامل قلق وتعب كبير بالنسبة للقائمين على العملية
التعليمية وشكلت في نفس الوقت خطوة على طريق النجاح بعد تخطيها هي المناهج
التي تبنوها إن كانت ليبية أو مناهج ائتلاف وما سيحل بطلابهم وبمستقبلهم.
فكانوا يعملون وهم ممسكين قلوبهم بين أيديهم، ولقد بُدد هذا القلق وزال
التعب بقبول حاملي شهادتي الائتلاف والشهادة الليبية في الجامعات التركية
وتحول إلى دموع فرح.
كما فتحت المدارس ابوبها صيفا لتعويض التلاميذ والطلاب عما فاتهم بسبب
الانقطاع، وردم الهوة ما أمكن ولقد تطوع الأساتذة والتزموا بعملهم وتواصلوا
بهذا الشأن مع الوزارة في الحكومة المؤقتة التي لم تكترث ولم تأبه بما
يبذل من جهد.
وخطت المدارس أيضا خطوة ناجحة أخرى واتجهت باتجاه المهنية من خلال العمل
على توحيد الجهود بين المدارس وتوسيع الكادر التدريسي فأقامت لذلك مسابقات
وفق حاجتها ووضعت معايير لهذه المسابقات حيث يؤخذ الاختصاص، والخبرة،
والمهارات، والأخلاق وحسن السلوك والتعامل بعين الأعتبار ويتم الإعلان عن
المسابقة قبل فترة زمنية بشكل رسمي وعلني وتشرف عليها لجنة مختصة كما يوجد
مراقب حيادي من أحدى المدارس ليراقب سير العملية بالإضافة إلى إشراف الجهة
الداعمة، ولقد اجريت قبل أيام مسابقة من هذا النوع وصفت بشفافيتها
ومصداقيتها والتزامها بالمعايير وأختير المعلمين حسب تسلسل الدرجات ومن
يتغيب يوجد له بديل احتياطي. كل هذا وان كان مازال يحتاج لمزيد من الجهد
والعمل للإرتقاء بالعمل التعليمي إلا أنه يعد خطوات هامة على طريق نجاح
المدارس السورية والقائمين عليها في كليس.
عبارة عن مجموعة من الشباب الناشطين والإعلاميين المتواجدين على أراضي محافظة حمص. هدفنا؛ العمل لصالح بلدنا سورية عامة وحمص الحبيبة خاصةً. سيكون عملنا إحترافي وحيادي.