سما الحمصية
دراسة أجراها مركز حمص عن المعتقلات
نشرت الشبكة السورية لحقوق الانسان إحصائية جديدة عن النساء اللواتي اعتقلن لدى سجون النظام السوري.
إذ تشير قاعدة البيانات الحالية في الشبكة السورية لحقوق الإنسان لوجود قرابة 8 ألاف معتقلة ما زلن رهن القيد في سجون النظام السوري، فيما ترجح بعض المصادر الحقوقية أن عدد المعتقلات في سجون النظام يقدر بأكثر من أربعين ألف. ولم نتمكن من إحصاء الأعداد الحقيقة للنساء اللواتي اعتقلن إبان الثورة السورية ولم نتمكن من توثيقها وذلك نتيجة سياسات التكتم التي يتبعها النظام السوري.
وبحسب المركز السوري للإحصاء والبحوث، يعتقل النظام السوري 13 امرأة شهرياً. ووصل عدد المعتقلات في سجن عدرا المركزي في دمشق إلى 500، عدا عن وجود آلاف النساء داخل الفروع الأمنية، بحسب الناشطين، كما أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان دراسات عدة حول الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة السورية منذ بداية الثورة وحتى اليوم. وقالت مسؤولة قسم المرأة في الشبكة "نور الخطيب" سجلت الشبكة 7500 حالة اعتداء جنسي.
كما سربت مجموعة من المعتقلات في سجن عدرا بياناً يحكي عن معاناتهن في السجن. أوضح البيان أن "عدد المعتقلات السياسيات في السجن المركزي وصل إلى نحو 500، من دون أن تشمل المعتقلات في الفروع الأمنية، واللواتي تقدر أعدادهن بالآلاف". وأكد أن "نسبة اللواتي تجاوزن الخمسين عاماً في عدرا وصلت إلى 30 في المائة، ونسبة الحوامل 5 في المائة. ويشهد السجن ولادة على الأقل كل شهر.
وقد عمد النظام السوري إلى اعتقال النساء إما لكونها ناشطة سياسية او ميدانية، أو للضغط على أهلها وذويها إن كانوا من المنضمين أو مريدين للحراك الثوري، وهناك بعض الحالات لمجرد إرضاء رغباتهم الوحشية.
واستخدم النظام السوري أسلوب الاعتداء الجنسي بحق النساء المعتقلات بصورة ممنهجة ومتعمدة كسياسة عقابية عامة سواءً بهدف الحصول على المعلومات ونزع الاعترافات أو بغرض التلذذ بالإذلال والتشفّي بالترهيب بدافع ثأري انتقامي من أحد أفراد العائلة.
التعذيب الوحشي في اقبية السجون
تنوعت أساليب التعذيب في السجون السورية بين الضرب والكهرباء والاعتداء الجنسي بشتى أنواعه، ومن هذه الأساليب الذي لجأ اليها النظام بالتعذيب هي خلع ثياب النساء المعتقلات ووضعهن في كيس قنب ووضع قطة معهن وإغلاق هذا الكيس عليهن, ومن ثم تبدأ القطة بتشطيب جسد المرأة الحساس بمخالبها خاصة منطقة الصدر وتبدأ المرأة بالصراخ من الألم، كما اُستخدم الاعتداء الجنسي في الاقبية الامنية بضراوة و بصورة مريعة من وطء وإيلاج و انتهاك لفتحة المهبل أو الشرج كوسيلة لاستخراج المعلومات من الضحايا سواء باستخدام القوة المفرطة أو الكهرباء التي يتم وصلها للمناطق الحساسة من الجسم لا سيما الأعضاء التناسلية كأسلوب حاطّ بالكرامة من وسائل التعذيب، عدا عن استخدام الألفاظ الجنسية المسيئة بحق المعتقلات
نذكر هنا بعض الافادات لمعتقلات أفرج عنهن وأسباب اعتقالهن:
ميادة (28 عاماً) خريجة كلية الحقوق، اعتقلت مدة خمسة أشهر متواصلة بتهمة دعم الإرهاب، وسبق لها أن قضت عدة أيام قبل سنتين في أحد الفروع الأمنية إثر خروجها بمظاهرات مع أصدقائها، وقد خرجت أيضاً بموجب العفو الرئاسي الأخير في حزيران/ يونيو 2014. تقول: “كانت هناك مشاهد نعتقد أنها مأخوذة من فيلم ما، كأن يمسك السجان امرأة مريضة ويدفع بها بوحشية من باب العنبر لترتطم بالحائط أو الأرض لمجرد أنها طالبت بالمساعدة”. وتضيف ميادة: “غياب الرعاية الصحية جملة بسيطة ولكنها تحمل في طياتها انتهاكاً كبيراً لمن يحتاج إلى الرعاية ولا يلقاها إلا بتقديم الرشوة، أو يحرم منها، وهذا أبسط ما عشناه في سجن عدرا للنساء”.
هدى (30 عاماً) كانت تقدم المساعدة الطبية لمقاتلي المعارضة، وتعمل مع قناة فضائية مؤيدة للمعارضة، عندما اعتقلتها الاجهزة الامنية السورية في دمشق في نيسان (ابريل) 2013، وتم الاعتداء عليها طوال الليل. وقالت "كانوا يصفعونني على وجهي، ويجرونني من شعري، ويضربونني على قدمي وعلى ظهري وفي كل مكان".
هالة (23 عاماً)، قالت انها شاركت في الاحتجاجات السلمية التي اندلعت منتصف آذار (مارس) 2011، قبل ان تعتقلها أجهزة الأمن السورية وتعذبها صعقاً بالكهرباء في حلب (شمال)
وروت ليال (21 عاماً)، انها كانت توفر الإسكان المؤقت في الفنادق والثياب الدافئة وغيرها من الضروريات اللازمة للعائلات النازحة من حمص"، عندما قام "أعضاء ميليشيا موالية للحكومة بالقبض عليها وأخذها إلى مركز اعتقال في دمشق"، إذ اجبرها ضابط "على التجرد من ثيابها وفتشها وفتش ثيابها". كما قام "ضابط آخر بتقييد يديها بالأصفاد، وأجبرها على الركوع على كرسي، ثم قام بالتحرش بها بيده وضربها على قدميها بسلك كهربائي غليظ". وقالت "كلما زاد خوفي وبكائي زادت استثارته". كما تعرضت للتهديد بأذية طفليها وأبويها إذا لم تعترف بأنها شاركت في تفجيرات في دمشق
فيما قال أحد التجار الميسورين في منطقة الحريقة بدمشق والذي كان قد اعتقلت زوجته على خلفية مداخلة على الفيس بوك أنه حينما ذهب لاستلامها من فرع فلسطين التابع للمخابرات العسكرية طلب منه الضابط المسؤول النزول للقبو للتعرف على زوجته و بدخوله المهجع المخصص للنساء وجد المئات من النساء المعتقلات حفاة عراة كما ولدتهم امهاتهم بدون ثياب و من بينهم تعرفت عليه زوجته في الظلام و التي سترها بما عليه من ملايس و خرج بها ليقتادوه مجددا لمكتب الضابط المناوب في الطابق العلوي و هناك قال له الضابط هل تعرفت على زوجتك فأجابه نعم و هي واقفة بالخارج، فأردف الضابط و هل تعرف ماذا عليك أن تفعل الآن فأجابه الرجل نعم يجب أن أتكتم على ما رأيت، فأجابه الضابط بالعكس ... نحن نريدك أن تشيع الخبر بين الناس و أن تتحدث و تخبر جميع من تعرف بما شاهدته عندنا في الأسفل و إن لم تفعل فإننا سنعيد زوجتك مرة أخرى للمعتقل.
الإفادة الأخيرة تدل على جبروت هذا النظام وأنه يريد أن يعلم الجميع بما يحدث في أقبية المعتقلات والسجون من تعذيب وانتهاكات لحقوق المرأة.
وكان التحرش الجنسي الأكثر استخداما بالتعذيب لما تمثله قيم الشرف في مجتمع شرقي محافظ ولما لهذه الناحية من حساسية لدى المجتمع السوري المسلم ولما تلحق بالضحية واسرتها من أسى لا يمحوه الزمن.
الحالة النفسية
هناك فئة كبيرة من النساء من ضحايا تجربة الاعتقال التعسفي في الأقبية والمعتقلات السورية يعانون اليوم من أعراض نفسية يصعب علاجها في ظل حالة الشتات والضياع التي يعيشونها في معسكرات اللجوء.
مازال الإحساس عند الأغلب منهن أن تجربة الاعتداء عليهن تتكرر من خلال الكوابيس و أحلام اليقظة السوداء التي تسيطر على مخيلاتهن، وهو ما أسدل ظلالا قاتمة على علاقاتهن الحياتية والمعاشية حملتهم على تجنب الناس والأنشطة والفعاليات والعيش في هالة من العزلة والحذر المفرط والتوجس والخوف من صورة الرجل بشكل عام و هو ما صدّع الكثير من العلاقات الأسرية ومزّقها وتسبب في العديد من حالات الطلاق.
كثير من الحالات التي تم رصدها و لم تصرح فيها الضحية علنا بأنها وقعت ضحية اغتصاب أو اعتداء جنسي إبان فترة الاعتقال رغم وضوح الأثر جراء الإحساس بالذنب لمجرد أنها ظلت على قيد الحياة و لم تختار الموت بديلا .
إنها حالة من الضبابية و الشرود و الاحساس بجهالة الفاعل المنفرد و الشعور أن المجرم موجود في كل مكان ويحوم حول الضحية وأنها ستقع في براثنه مجددا... وهو ما جعل كثير من المعتقلات السوريات السابقات أسيرات لهذا الاحساس الجاثم المستديم بالمهانة وبأنهن ما زلن يرزحن تحت براثن الجلاد وهنّ داخل الخيمة في العراء.
وهناك العديد من الحالات التي لم تستطع تحمل ما مرت به من ظلم واعتداء في أقبية السجون فلجأن للانتحار للتخلص مما ممرن به. كفتاة الجامعة في حلب التي انتحرت بعد خروجها من المعتقل، وميساء من اللاذقية التي قال أهلها أنها لم تتعرض لشيء بالمعتقل غير أنها خشيت من نظرة المجتمع وكلامه فانتحرت.
نظرة المجتمع
ينظر المجتمع للمرأة التي تعرضت للاعتقال بأنها امرأة ناقصة فقدت أعز ما تملك وهو شرفها، وقد حدث العديد من حالات الطلاق جراء اعتقال الزوجة وتعرضها للاغتصاب، ومن النادر أن نرى في مجتمعنا الشرقي من يرضى بما حدث ويؤمن أن ما تعرضت له الفتاة شيء لا حول لها ولا قوة لمنعه وقد فرض عليها من هذا النظام الفاشي.
بينما تمثل المعتقلات بنظر النشطاء السوريين أرقى حالات التضحية وهذا ما أثبته استطلاع الرأي الذي قام به مركز حمص الإعلامي في أوساط الناشطين وبين الأهالي في حمص عن رأيهم بالفتاة التي تعرضت للاعتقال
أبو الوليد (20 سنة) ناشط اعلامي من حمص يرى أن الفتاة التي تعرضت للاعتقال فتاة مظلومة طاهرة رغم كل شيء ولا يرى مانع من الارتباط بمعتقلة سابقة وأضاف أن من يطلق زوجته لتعرضها للاعتقال او الاغتصاب من الشبيحة فهو شخص فاقد للإنسانية ومختل عقليا
فيما قال أنس (29 سنة) طبيب أنه يعتبر المعتقلة بطلة من الأبطال ولها كل الاحترام والتقدير وإن تعرضت للاغتصاب فتكبر بنظره أكثر أنها تحملت واستمرت بحياتها.
أما شادي (32سنة) يقول إنهن ضحايا مثل الشهداء والجرحى ومن المعيب معاقبتهن على جريمة هنّ ضحاياها.
ويقول أسامة (27 سنة) انها انسانة مظلومة والنظام عرف بظلمه وقد ظلمها كما سيظلمها المجتمع من بعد خروجها بنظرته لها على انها فاقدة لشرفها أو حتى عذريتها أعتقد أن المعتقلات تفضل الموت على دخولهم سجون الاعتقال لأنها لم تدخله بإرادتها وهي تعرف النتيجة، أما من يطلق زوجته بسبب اعتقالها فلينظر الى الأشخاص الذين يتزوجون معتقلات من أجل الستر عليهن وكم سينالون من ثواب لأجل هذا العمل ولينظر لنفسه بعدها ماذا قد فعل بزوجته التي هي قد كانت بيوم أغلا ما لديه وسيتضح له عمله السيء والظالم أكثر من ظلم النظام نفسه لها.
فيما قالت نورة “أن المرأة التي تعرضت للاعتقال امرأة مظلومة عانت الأمرين بالمعتقل، ويجب على المجتمع احترامها واحتواءها لأن ما تعرضت له ظلم لا يتحمله أحد.
من جهة أخرى هناك من ينظر لها نظرة دونية ويظلمها زيادة عن الظلم التي تعرضت له، فهناك العديد من الفتيات اللاتي تعرضن لظلم الأهل والطلاق من أزواجهن إن كن متزوجات.
تأهيل ضحايا الاعتقال
ترى سارة وهي أخصائية نفسية التقت ببعض ضحايا الاعتقال أن أفضل طريقة لعلاجهن هي ترك الضحية تتحدث براحتها وعدم الضغط عليها، كما أنه يجب تأمين لها مسكن يشعرها بالأمان والحب والاحترام لتعود لطبيعتها، ويجب علينا تطمأنتها وإحساساها أن ما حدث لها أمر طبيعي مثله مثل ما يحدث للمعتقلين والجرحى.
المصدر: مركز حمص الإعلامي
المصدر: مركز حمص الإعلامي