تشير القرائن الميدانية التي بدأ نظام بشار الأسد باتباعها حالياً مع سكان الغوطة الشرقية، بتكرار السيناريو نفسه الذي اتبعه لإفراغ مدينة حمص من السكان والمقاتلين، والسيطرة على أجزاء واسعة منها فيما بعد، ويمضي النظام في سياسته هذه تحت شعار مفاده "الجوع أو الركوع".
ناشطون من مدينة حمص لفتوا إلى خطورة بدء النظام بإخراج بعض العائلات من غوطة دمشق المحاصرة منذ أكثر من عام ونصف، معربين عن تخوفهم من نهاية مأساوية لأهالي الغوطة وخصوصاً الشباب منهم، كما حصل مع 700 شاب حمصي لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن بعدما أوهمهم النظام بمصالحات وهمية.
وكانت قوات النظام فتحت الأحد الماضي ممراً للسكان من بلدة "زبدين" بريف دمشق، ومن ثم فتحت حاجز مخيم الوافدين قرب مزارع دوما، وأجبرتهم على توقيع ورقة مفادها أنهم كانوا في غوطة دمشق وأجروا "مصالحة" مع النظام، حسبما ذكره "أبو عماد المنشد" أحد سكان دوما لـ"السورية نت" في وقت سابق.
ويشير الناشط "أبو عمر الحمصي" إلى أن سيناريو إفراغ حمص بدأ يتكرر الآن في الغوطة الشرقية، متحدثاً عن خطة النظام في إفراغ حمص من سكانها، ويقول إنه بعد أكثر من عام على حصار مدينة حمص وسكانها، بدأ النظام بسياسات مدروسة لضرب الحاضنة الشعبية للجيش الحر، وعمل من خلالها على إجبار الأهالي عن التخلي عن مقاتلي المعارضة، سلاحه في ذلك التجويع والقصف المستمرين.
ويضيف الحمصي لـ"السورية نت" بدأ النظام بإخراج العائلات من حمص تدريجياً، لكي يبقي مقاتلي الجيش الحر فقط، وليوصل رسالة للمجتمع الدولي بأنه يقاتل مسلحين، وبهذا يكسب النظام صمت المجتمع الدولي عما يرتكبه من جرائم".
ويرى الحمصي أن النظام نجح في إفراغ حمص من المدنيين، من خلال إجبار العائلات التي خرجت على التواصل مع تلك التي بقيت داخل حمص، وإخبارهم بأن النظام يعاملهم معاملة جيدة ويساعدهم في كل شيء، لكي يقنعها بالخروج، وهو ما يحصل الآن مع العائلات التي خرجت من الغوطة حسبما أكده في وقت سابق مدير المكتب الإعلامي لـ"جيش المجاهدين"، أمير الشامي لـ"السورية نت".
واصل النظام سياسة الإغراء واللعب على وتر سد الاحتياجات، مستهدفاً المقاتلين في حمص، ويقول الحمصي: "كرر النظام نفس السيناريو في إخراج العائلات مع المقاتلين داخل الحصار وبدأ بإخراج الجرحى وأجرى لهم تسوية وضع، وأطلق سراح بعضهم في البداية، ليوهم بقية المقاتلين بأن خروجهم يعني حياة جديدة لهم دون حساب أو عقاب، ونجح النظام فعلاً في دفع بعض المقاتلين إلى الخروج من حمص وتسليم أسلحتهم".
ونوه الحمصي أنه مع بدء خروج أعداد كبيرة من المقاتلين، عمل النظام على وضعهم في مدارس، وبدأ يتهرب من تعهده بإطلاق سراحهم ويسّوف ويعدهم بأنهم سيصبحون أحراراً بعد إنهاء وضع كل المحاصرين في حمص.
وما حصل بحسب الحمصي أنه بعد خروج المقاتلين المحاصرين لم يطلق النظام سراح أحد، بل اقتادهم إلى جهة مجهولة وكان عددهم حوالي 700 شاب من المقاتلين، مؤكداً أن بعضهم زج في المعارك الدائرة ضد قوات المعارضة، وأرسل بعضهم الآخر إلى الحواجز العسكرية، في حين نقلت قوات النظام آخرين من المقاتلين إلى الفروع الأمنية ولا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن.
واعتبر الحمصي أن قبول سكان الغوطة الشرقية بسيناريو مشابه لإفراغ حمص "لن يجلب لهم إلا الويلات والاعتقالات لشبابهم وسوقهم إلى المعارك ضد أبناء ثورتهم"، حسب قوله، مشيراً إلى أن النظام نكث بكل العهود والمواثيق مع شباب حمص وأهلها سابقاً، وقال: "يا أهالي الريف الدمشقي فلتحذروا من الوقوع بفخ النظام فتجربة حمص مع النظام كفيلة بمعرفة حقيقة أفعاله ونواياه".
المصدر:
السورية نت