محمد أبو مصعب : مركز حمص
في وقت استعصى فيه حسم ينهي
معاناة أهالي منطقة الوعر لم تنتظر الطفولة المحاصرة أجوبة من العالم، حيث قام عدد
من الأطفال بترجمة إحدى معاني التفاؤل بإيجابية بعد انحسار حدائق الحي المخصصة
للعبهم، فقاموا بتنظيف أكوام القمامة التي فرشت ساحات الجزيرة الثانية المتاخمة
لبرج المشفى الوطني الذي يبعد أمتار وتجميعها ومن ثم حرقها، الأمر الذي أعاد
الحياة ورممها بإحدى قطاعات الحي الذي يناضل الموت, علما أن عمال النظافة التابعين
لإحدى الجهات الأهلية التي تقوم على شؤون الحي لا يجرؤون ولا غيرهم حتى من المرور
في هذه الشوارع والساحات التي طغت عليها متاريس التراب مختلطة بالنفايات, خاصة بعد
مقتل العشرات فيها واستهدافهم مما يسمى برج المشفى المتاخم للحي الواسع نسبيا
والذي يكشف معظم زوايا الحي, الأمر الذي غير خطوط العبور والشوارع الحيوية في الحي
بشكل كبير تجنبا من قناصة الغدر, ولكن الطفولة البريئة انطلقت بعفويتها لإصلاح
إحدى أبسط صور الحياة مما يؤذي العين والنفس لا تعبأ بالموت القريب .
وفي حديث مع هؤلاء الأطفال
وجدنا ما يزيد النفس ألما، فبالإضافة لصعوبة العمل المبادر الذي قاموا به والذي
غاصت به أناملهم وأرجلهم النحيلة بأكوام القمامة، تبين أن هؤلاء من فئة الأطفال
الذين حرمتهم الحرب من حقهم في التعليم، وعند إرشادهم للعديد من أسماء المعاهد
التي تقوم بافتتاح دورات لمحو الأمية دوريا في الحي رفضوا ذلك وطلبوا منا إيجاد
فرصة عمل لهم لمساعدة أهلهم على النهوض بأعباء حياة الحصار التي كبروا فيها والتي
اغتالت طفولتهم.
ترتبك العبارات هنا
وتتلعثم، فلا تكفي المكافئة المالية التقديرية من إحدى الجمعيات الفاعلة في الوعر
والتي لاقت أثرها الكبير بنفوسهم بل يجب إنقاذ طفولتهم بشكل عاجل، ورفع قضيتهم
لأصحاب الضمائر والصدق لا لراعية الطفولة العالمية "اليونيسيف" التي صمت
أذانها عن صراخ أطفال سوريا؟!
وبقليل من التفاؤل الذي
تعلمناه من هؤلاء الأطفال سنمضي ولن نطلب العون إلا من الله سبحانه والذي لن
ينساكم، فالله معنا ولن يضيعكم.