"الزواج في زمن الحرب حل أم مشكلة 2" قضية اجتماعية محلية، مدينة حمص، الوعر
محمد أبو مصعب: مركز حمص
"تسجيل شهادات حية" بعض الحالات حول ظاهرة "ازدياد حالات الزواج" التي تم توثيقها اجتماعيا، ولكيلا تكون تشهيرا تم تغيير الأسماء فقط:
تحدثنا في المقال السابق عن ازدياد حالات الزواج المبكر
في حمص والوعر خاصة وذكرنا أن هذا الزواج له سلبيات وايجابيات وفي السياق التالي نذكر
حالتين للزواج المبكر.... الحالة الأولى تحمل في طياتها قصة الشابة هبة وزواجها وما
آل له حالها بعد الزواج، أما الحالة الثانية فزواج الشاب مالك وتخوفه من هذه التجربة
ونجاحه بهذا الزواج المبكر.
هبة: تولد 1998, من حي الخالدية, نزحت مع أهلها لحي
الوعر من عام 2012, اضطر والدها لترك أسرته والذهاب لدمشق لمتابعة مهنته في أوائل
2013 فظروف حمص منذ ذلك الوقت بدأت بالتدهور من كافة جوانب الحياة, وفي أوائل 2014
لحقت أسرتها بوالدها بعد أن زوجتها والدتها من شاب هو من أقرباء العائلة ليس لفاقة
مادية بل تماشيا مع أن تزويج الفتاة والستر هو أهم أمر حاليا بظل الحرب وتبعاتها الاجتماعية
, كان عمرها حين تحولت لزوجة 16 عاما, زوجها كان يبلغ من العمر 18 عاما و يعمل عنصرا
في مجموعة مسلحة بالحي, سكن مع أهله بنفس البيت المكون من 5 غرف, ولديه 5 أخوة ذكور
أصغر منه فقط يسكنون معه بنفس المنزل, وجدت نفسها بعيدة أن أهلها و أخوتها و تحمل واجبات
الزوجة في بيت يغلب عليه القسوة و الذكورة, لتقع العديد من المشكلات نتيجة الاحتكاك
اليومي المباشر مع والدة الزوج, ولأسباب واهية تتعلق بتفاصيل الحياة اليومية حصلت مشادات
كلامية كثيرة انتهت بالطلاق العشوائي الذي لم يلقي له الزوج بالا في مجتمع وبين أهل
لا يملكون ثقافة ووعي الزواج ومسؤولياته الدينية والاجتماعية لينقلوها لابنهم, ولم تجد هبة من تلجأ إليه إلا منزل خالتها التي
تعيش بالحي والتي حاولت مع زوجها الإصلاح بين هبة وزوجها وإعادتها لمنزلها بأكثر من
مرة لتهدأ النفوس, وشاء الله أن تتدهور الأوضاع بحي الوعر وتنزح خالتها وزوجها خارج
الحي لتتعرض هبة مرة ثانية للطلاق بسبب أوهى
من قبله كالتأخر بالنوم والرد الكلامي بوجه زوجها بعبارات ونبرة وصوت مرتفع, لتلجأ
هذه المرة لمنزل يسكنه أخوتها الذكور "عماد" "جلال" الأصغر منها
سنا والذين تركوا دمشق ولجأوا بطريقة غير شرعية لدخول حي الوعر المحاصر الخارج عن قبضة
النظام الأمنية بحمص خوفا من الاعتقال والشبيحة وخاصة أنهم يقتربون من سن خدمة العلم, لتعيش هبة مع أخوتها شهور قليلة و ليتدخل بعض أصحاب
العقول من ذوي الزوجين بصفة حكم ويصلحوا بينها وبين زوجا وتعود لزوجها, وفي شهر تموز
للعام الجاري علمنا أن هبة عادت لمنزل أخويها عماد وجلال مرة أخرى بعد أن حصل الطلاق
للمرة الثالثة بينها وبين زوجها ولكنها هذه المرة تحمل في أحشائها طفلا سيولد للحياة
بعد أسابيع, علما أن عدد من الخلافات السابقة مع الزوج حصلت بسبب تأخرها بالحمل, وللذكر
أن أخيها عماد الذي هو أصغر منها بسنة قد تزوج منذ عام من فتاة أصغر منه, بعد أن وكل
أهله عبر الهاتف أحد الأشخاص المعروفين بتزويجه بسبب عدم مقدرتهم على دخول حمص وحي
الوعر وزوجة عماد حاليا أيضا حامل بشهرها الثالث, وعلاقتها جيدة مع زوجها من استقرار
ومحبة إلا أن صحتها تتدهور بسبب الحمل وضعف البنية وقلة التغذية وظروف يفرضها الحصار
الذي أطبق كليا على حي الوعر.
مالك:
تولد عام 1995,من أسرة مكونة من أب و أم و7 أولاد و أخت واحدة ومالك أكبرهم, الأب والأم
مطلوبين لفروع النظام الأمنية وتعرضوا للاعتقال تباعا بسنوات الثورة الأولى, كما أن
مالك و أخوته الذكور الأثنين الأصغر منه مطلوبين لخدمة العلم في نظام الأسد, نزحوا
من حي باب السباع لحي الوعر من سنوات ويعيشون فقط على مساعدات الجمعيات الخيرية والدخل
الذي يأتي من عمل مالك بإحدى الجمعيات يعتبر دخلهم الوحيد, بعام 2013 اكتمل نسبيا وعي
مالك ليحس بنفسه شابا ورجلا ويميل للتدين والتمسك بتعاليمه في ظل اتجاه عام في المجتمع لذلك وخاصة
بعمر الشباب والعنفوان ككل ,مالك رغب
بالزواج كي لا يلجأ لأي شيء محرم ابدا, بعمر ال18 أصر على والديه تزويجه ووقعت مشكلات
كثيرة بسبب رغبتهم بتأجيل الفكرة إلا أن إصراره دفعهم لتزويجه من فتاة تصغره بعامين,
وبعد تجهيزات الزواج البسيطة الكلفة جدا و بعد استعارته منزل من إحدى الأسر التي نزحت
خارج الحي ولهفته العارمة بذلك، وفي يوم الزواج
لجأ متلبكا لبعض الأصدقاء الذين يعملون معه بالجمعية ليخبرهم أنه لا يريد الزواج, عندها
استمع لنصح الأكبر منه سنا أنه شعورا عارض عند تحول الموضوع للجدية, وتزوج مالك من
الفتاة ويعيش معها من سنتين وهي حامل الأن بالطفل الأول الذي ينتظرونه بلهفة ومحبة,
وبسؤال الزوجين أجابوا أنهم يوميا منذ عامين يزداد الحب بينهما ويكبر رغم الفقر وقلة
ذات اليد وظروف الحصار والتي تجعل علاقتهما ببعضهما أقوى وأمتن.