طلب 1200 حاج سوري اللجوء إلى المملكة العربية السعودية لأسباب إنسانية بعد أدائهم شعائر الحج، وبينما تقدم رئيس مكتب شؤون حجاج سوريا بطلب للسلطات السعودية من أجل ذلك فإن الأخيرة تخشى من وجود مندسين محسوبين على نظام الأسد بين الحجيج.
لم يكد الحاج السوري أبو العبد ينهي حديثه عن معاناته وأسرته في بلد لجوئه لبنان حتى انهالت دموعه مفضلا إيقاف حديثه للجزيرة نت، مستذكرا بيت معلقة طرفه بن العبد "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة.. على المرء من وقع الحسام المهند".
اختزل أبو العبد معاناة 1200 من الحجاج السوريين الذين فضلوا المكوث في الأراضي السعودية كلاجئين لأسباب قالوا إنها إنسانية بامتياز، وتمثل نسبة هؤلاء 10% من إجمالي 12 ألفا حصيلة بعثة حج الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية التي أدت مناسك الحج هذا العام.
الجزيرة نت سألت رئيس مكتب شؤون حجاج سوريا محمد خالد كوكي عن الوضعية القانونية للمتخلفين من حجيج البعثة الذين حددت لهم سلطات الحج السعودية 4 محرم (28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي) آخر موعد لمغادرة الأراضي السعودية.
قال كوكي "تقدمنا منذ 16 أكتوبر/تشرين الأول إلى وزارة الحج بطلب رفعته الوزارة بدورها إلى الداخلية للنظر في وضعنا الإنساني الصعب، خاصة أن أغلبيتنا من العائلات".
وحسب رئيس مكتب شؤون حجاج سوريا، فإنه لم يردهم منذ تقديم خطاب الالتماس أي جواب رسمي، واكتفى بالقول "إننا بالانتظار".
وأغلبية المتقدمين بطلبات "لجوء ما بعد الحج" قدموا من بلد اللجوء لبنان، وبرر كوكي مطلبهم بالتداعيات الصعبة والسلبية التي يعيشونها هناك بفعل التداخل والخلط بين الورقتين السورية واللبنانية العسكرية والسياسية
قلق سعودي
مصدر مقرب من وزارة الحج السعودية أشار في تعليق للجزيرة نت إلى "وجود تخوفات لدى السلطات السعودية المعنية من محاولة وجود عناصر محسوبة على النظام السوري بين طالبي اللجوء تهدف إلى اختراق منظومة الأمن القومي للمملكة".
وكان مسؤولون بوزارة الحج قد أكدوا في تصريحات سابقة أنه لا استثناءات بشأن تأجيل مغادرة أي بعثة حج، وتم تحديد منتصف محرم الجاري موعدا نهائيا للمغادرة ليصبح ملف التعامل مع المتخلفين من الحجاج بعد التاريخ المذكور من صلاحية وزارة الداخلية وجهازها التنفيذي (الجوازات).
القلق الأمني السعودي تفهمه مسؤول بعثة الحج السورية محمد خالد كوكي بشكل واضح حسب قوله، حيث أشار إلى أن مثل ذلك الطرح يعد مشروعا نظرا لما وصل إليه الملف السوري من خطورة، مما يهدد دول المنطقة والسعودية خصوصا.
الموسم الماضي
ووفقا لمعلومات حصلت عليها الجزيرة نت من مصادر في المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية، فإن تجربة لجوء الحجاج السوريين تكررت الموسم الماضي بعدما تمت الموافقة عليها من قبل الجهات المتخصصة بالسماح لخمسمائة حاج منهم بالبقاء دون إعطاء صفة "لاجئ"، وقد تقلص الرقم لاحقا إلى نحو مائتي شخص بعد ذهاب أغلبيتهم للعمل في دول إقليمية مجاورة.
وأشار كوكي إلى أنه في حال عدم موافقة السلطات السعودية على بقاء الحجاج المصنفين كحجاج "دول مضطربة" فإن عليهم مغادرة أراضي المملكة احتراما لأنظمتها، مقترحا تركيا وجهة مناسبة لهم بعد لبنان.
ومع تردي الأوضاع الاقتصادية للسوريين داخل بلادهم وفي بعض دول اللجوء برز تخوف بعثة الحج قبل بداية موسم حج العام الماضي مع ازدياد طلبات لجوء عديدين منهم.
واستبعد كوكي أي زيادة في أعداد الحجاج السوريين للموسم المقبل، والاكتفاء بالرقم الحالي (12 ألفا)، مع أن الحصة السورية المخصصة من قبل السلطات السعودية تبلغ 24 ألفا، وذلك بعد قرار تخفيض حجاج الخارج إلى 20% بسبب أعمال التوسعة الجارية في المسجد الحرام.