السوريون يطالبون الحكومة اللبنانية بسن قوانين واضحة تحدد معايير قبول الدخول (الجزيرة)
لا يخفى على أحد الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها السوريون داخل بلادهم، بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة على بداية الحرب التي قتلت الآلاف وشردت الملايين ودمرت المنازل والممتلكات، ليأتي قرار الحكومة اللبنانية الأخير بشأن اللاجئين السوريين ويضيف معاناة جديدة إلى معاناتهم.
ففي اجتماع للحكومة اللبنانية أواخر الشهر الفائت اتخذ قرار رسمي بوقف استقبال اللاجئين السوريين إلا للحالات الاستثنائية، ومنع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تسجيل النازحين إلا بموافقة الحكومة، إضافة إلى نزع صفة لاجئ عن كل من يذهب إلى سوريا أو يخالف القوانين.
وأكد رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام -خلال مؤتمر عقد في ألمانيا الأسبوع الفائت لدعم اللاجئين السوريين- أن لبنان "بلغ أقصى قدراته على استقبال اللاجئين السوريين، الذين يؤثرون على الاقتصاد والأمن اللبنانيين، ويشكلون عامل عدم استقرار".
ويستضيف لبنان أكثر من 1.1 مليون لاجئ سوري، من بين ثلاثة ملايين لاجئ غادروا البلاد التي تحترق بنار الحرب، ليلجؤوا إلى بلدان مجاروة منها تركيا والأردن، وبلدان أخرى عربية وغربية.

ويعيش معظم اللاجئين السوريين في لبنان في مخيمات تفتقر إلى مقومات العيش الكريم، بالإضافة إلى عدم وجود برنامج زمني محدد للمساعدات الغذائية والإنسانية.

وما أن صدر القرار الحكومي الأخير حتى بدأت رحلة جديدة لمعاناة السوريين الراغبين بالسفر إلى لبنان من معبر جديدة يابوس الحدودي، فمن يُسمح له باجتياز الحدود أو من تنتهي رحلته تلك دون التعرض للمضايقات والمعاملة السيئة من قبل عناصر الأمن اللبناني والعاملين على المعبر الحدودي يكون محظوظا.


يعيش اللاجئون السوريون في لبنان في مخيمات تفتقر لمتطلبات العيش الكريم (الجزيرة)
محاولات فاشلة
ويتجمع كل يوم آلاف السوريين منذ ساعات الصباح الباكر أمام مبنى الهجرة والجوازات اللبناني، محاولين الحصول على ختم والدخول إلى الأراضي اللبنانية، دون أن يكون النجاح حليفهم بالضرورة.

ويقول الناشط عمر الشامي إن أعدادا لا تحصى من النساء والأطفال وكبار السن ينتظرون لساعات وأحيانا لأيام كي يتمكنوا من العبور إلى لبنان، ويبيت الكثير منهم في العراء عدة ليالٍ ومنهم من يعود إلى دمشق ويحاول العبور في اليوم التالي.
ويضيف الشامي في حديثه للجزيرة نت "التقينا في دمشق بالعديد من العائلات التي عادت تجر أذيال الخيبة من معبر ديدة الحدودي. الكثير منهم أرادوا الذهاب إلى لبنان لقضاء بعض الأشغال وليس بهدف اللجوء، إلا أن ذلك لم يشفع لهم، وجواب موظفي الأمن العام كان على الدوام هو نفسه: عودوا إلى دمشق".
ولا تقتصر المشكلة على منع السوريين من الدخول إلى لبنان، بل يضاف إلى ذلك المعاملة السيئة التي قد تصل حد الشتائم في بعض الأحيان، وهو ما ينذر بمشاكل كبيرة في المستقبل القريب.
حاجة للقوانين
ويرى الناشط السوري الشامي أن على الحكومة اللبنانية سن قوانين واضحة للحالات التي يسمح لها بالدخول للأراضي اللبنانية، "فذلك يوفر على العائلات عناء المجيء للمعبر الحدودي والانتظار لساعات طويلة دون طائل، كما أنه يخفف من المشاكل التي تحدث بشكل يومي هناك".

"رانيا:شاهدت خلال وقوفي في معبر جديدة يابوس فصولا جديدة من معاناة السوريين. عائلات هاربة من الحرب يتم طردها وإذلالها. أمهات يسمح لهن بالعبور دون أبنائهن"
وتتفق المواطنة السورية رانيا مع هذا الرأي، وتقول إنها حاولت مرتين الذهاب إلى لبنان دون جدوى، رغم تأكيدها للضابط العامل على المعبر الحدودي أنها ذاهبة بغرض حضور زفاف أحد أقربائها.
وتضيف رانيا للجزيرة نت "شاهدت خلال وقوفي في معبر جديدة يابوس فصولا جديدة من معاناة السوريين. عائلات هاربة من الحرب يتم طردها وإذلالها. أمهات يسمح لهن بالعبور دون أبنائهن. نتمنى من الحكومة اللبنانية أن تضع حدا لهذا الأمر بأسرع وقت ممكن".
أما وائل الذي يعمل سائق سيارة أجرة على خط دمشق بيروت فيقول إن الكثير من زبائنه تتم إعادتهم إلى دمشق، وليس بالضرورة أن يكون السبب مقنعا أو يستدعي تلك المعاملة السيئة.
وبحسب وائل فإن الخوض في أي نقاش مع موظفي دائرة الهجرة والجوازات قد يتسبب بوضع "منع" للمسافر، وهو أمر يقتضي أن يتنظر شهرا على الأقل قبل أن يتمكن من السفر مرة أخرى.
المصدر : الجزيرة