مقالات جديدة

Previous
Next

"لا تخن مجتمعك "

"لا تخن مجتمعك " "طرح اجتماعي واقعي من قصة حقيقية" "نموذج فردي ولا ينطبق على الجميع" مركز حمص الإعلامي

مظاهر الدمار بحي الوعر من الأرشيف

محمد أبو مصعب: مركز حمص  


 شاء الله أن تدفع حمص عاصمة الثورة الحصة الأكبر من فاتورة الحرب السورية، دخلت بالكفاح باكرا وتحاصرت أحيائها التي خسرت المدينة معظمها بعد مقاومة اسطورية، وبظروف فرضتها الأحداث وطبيعة حمص الجغرافية والاجتماعية المعقدة المتداخلة يدخل حي الوعر بدوامة حصار آخر خيم تدريجيا بعد أن أفرغه من محتواه, ليطبق على ما يقارب مئة ألف من أهالي حمص المهجرين,  وبغض النظر عن الأخطاء التي ساعدت النظام على تنفيذ خطته فالجدال وتبادل الاتهام لم يعد نافعا اليوم, إلا أن ما يحز بالنفس هو تخلي البعض من أبناء جلدتنا و أخوتنا عن قضية مدينتهم حمص الحرة التي بدأوا بها معنا, والعودة للمنطقة الرمادية التي ساعدتهم ظروفهم الرجوع لها بعد أن وجدوا أن كفة القوة مازالت للنظام. يحكي محمد "طالب جامعي 26 عام": "مما يقارب عام ونصف وبتصعيد شبه يومي اتبعه النظام على الوعر بالأسلحة الثقيلة سمعنا للمرة الأولى صوت الطيران الحربي مقتربا وكأن هدفه قريبا ليس مرورا بالأجواء فقط, كنت بالجامعة مع أصحابي اثنان منهم من حي الإنشاءات القريب للجامعة و كنا ثلاثة من الطلاب الجامعيين من الوعر  نتشارك مع بعضنا رحلة الطريق واجتياز ثلاثة عشر حاجزا معا, ونتبادل النظرات التي تطمئن قلوب بعضن الأخر عند التعرض للإهانات والخوف على الحواجز الطائفية التي لا تبخل عن إغراقنا بالشتائم والعبارات الكفرية صباحا ومساءا, سمعنا صوت الطيران يقترب و يخرج الطلاب من كافتيريا الجامعة للساحات ويشاهدوا الطائرة التي أغارت على الوعر للمرة الأولى حينها, كدت أنهار خوفا وهلعا على أهلي و أخوتي واسقط ارضا وتمالكت نفسي لكي لا أصبح موضع الاتهام وتسوقني عصابات شبيحة الهيئة الطلابية لغياهب فروع الأمن ضربا وشتما كما حدث بمرات كثير بجامعة حمص على مرأى الألوف من الطلاب بتهمة التعاطف مع الإرهابين, ليقوم أحد أصدقائي الذي هو من الوعر أيضا ويقول بصوت مرتفع يسمع به الشبيحة ويكسب ولائهم في "تمسيح جوخ" يزيده و أمثاله ذلا وكرها حتى من الطلاب الشبيحة فيقول: "خليها تدمر المسلحين وتلعن أنفاسهم الله يقويها". يضيف محمد: "وتهدأ الأجواء قليلا و امشي مع رفاقي محاولين الابتعاد عن تجمعات الشبيحة لنتصل بأهلنا ونطمئن عنهم فنحن حتى لانصرح أننا من الوعر كي لا نتعرض لما يحسب عقباه بأجواء استخباراتية انهكتنا, وطبعا لا هواتف تجيب بعد حجب الشبكات الهاتفية عن الوعر, فنعود مسرعين لنبدأ رحلة العودة واجتياز الحواجز البغيضة التي تقصر العمر, وعندما وصلنا للحي دخلنا مسرعين نمشي بخطوات لا نحس بما حولنا نريد الاطمئنان لنقترب ونرى هول الكارثة حيث يصيح جمال صديقنا الذي أسمع الشبيحة شتمه للثوار في الجامعة إلا أن صراخه ونحيبه الأن أمام بيته المدمر بلغ عنان السماء, ليسقط أرضا بفاجعة وبكاء وكأنه غيمة وجدت أرضا لتهطل وتنهمر ألما عندما عرف أن والدته التي لن يراها بعد اليوم هي من ضحايا غارة الطيران الأولى على الحي التي بدأت حينها ولكنها لم تكن الأخيرة إلى الأن" "وبكل مرة نتذكر بها الموقف ترتعد قلوبنا فهول الموقف لن يزول من ذاكرتنا رغم تكرار مشاهد أكثر هولا وألما". رسالة لأصحاب الموقف الرمادي الذين هم أبناء جلدتنا و أخوتنا من أحياء حمص الأخرى ومن مدنها و ريفها وحتى من الوعر نفسها: أنت لست بمأمن عن شر الشبيحة الذي يكفي مدن العالم، وسكوتك و تأييدك لكفة القوة حتى وإن كان كلاميا ليس قلبيا لن ينفعك مطلقا بشراء ولاء هذه المخلوقات الشريرة وسيعود عليك يوما ما, وقسوتك الجارحة بإطلاق الأحكام وتحميل الذنوب للأخرين وكأنك من جنسية أخرى باتت نفسها من يطفأ زخم حياتك, كلنا نعلم ما تمر به من شظف وألم, لكن هذا الأمر بقلوبنا جميعا, كلنا ننظر على أجنحة الشوق واللهفة نصرا من الله يجلي قلوبنا ويشف صدورنا ويخفف عنا, ونسأل الله أن يكون قريبا.
author
مركز حمص الإعلامي - Homs Media Center
عبارة عن مجموعة من الشباب الناشطين والإعلاميين المتواجدين على أراضي محافظة حمص. هدفنا؛ العمل لصالح بلدنا سورية عامة وحمص الحبيبة خاصةً. سيكون عملنا إحترافي وحيادي.