بقلم: محمد أبو مصعب
لم تفضي الطلعات الجوية
الروسية في السماء السورية إلا عن خيبة أمل شبيحة الأسد ونظامه بما كان يعتقد أنه
المخلص الروحي والمنقذ الذي سيوقف انحسار رقعة الأسد وشلال الدم الذي أستهلك أرواح
الشبيحة والمؤيدين الذين ينفقون يوميا على امتداد البلاد السورية.
وإيران بدبلوماسيتها والتي نزلت للتفاوض مع
فصائل عسكرية في الزبداني لم تكن مع حزب الله لتتنازل عن وصايتها الدولية على
الأسد للكرملين لولا الفشل الذريع الذي منيت به، والذي مني به الروس مؤخرا بعد
تأكدهم من عدم جدوى طلعاتهم الجوية حتى وإن تم تكثيفها في ظل تفسخ نظام الأسد الذي
يحتضر على الأرض.
والشبيحة الذين تغنوا
بالطيران الروسي في أول طلعاته ونشروا على وسائل التواصل رسائل الحسم القريب
وعبارات الغطرسة التي مفادها أن "المسلحين" سيتمنون عودة البراميل والسلاح
السوري من هول ما سيرونه من التحليق الروسي، هم نفسهم الشبيحة الذين يهرعون
للاختباء في الملاجئ ووراء المتاريس خوفا من خطأ الطيران الروسي الذي استهدفهم
بالخطأ عدة مرات ليرديهم جرحى وقتلى ويبعثرهم نفسيا وعسكريا.
فبعد قرابة الشهر من تدخل
القطب العالمي المتمثل بروسيا في الحرب المباشرة والتغطية الجوية فشل الشبيحة رغم
كل هذا من دخول حتى قرى صغيرة كقرى ريف حمص الشمالي المتواضعة والصغيرة كبلدات
سنيسل وجوالك والمحطة في الدار الكبيرة.
ونتيجة هذه المعطيات الصادمة
هرع الأسد خلسة لأولياء أموره في الكرملين طالبا وساطتهم لدى الولايات المتحدة
واتخاذ خطوة جديدة توقف تهديد وجوده، إلا أن الدب الروسي يبدو أنه بسباته السياسي رغم
تحطم خطته التي هدفت لاستدراج كتائب الجيش الحر وفصائل المعارضة لمقتلهم والتي
عادت عكسية على شبيحة الجيش السوري وميليشياته وبعثرتهم قتلى وأشلاء.
ويرى مراقبون وراء زيارة
الأسد لموسكو طرحا جديدا للحل السياسي في سوريا، وأراد بوتين أن يظهر للعالم أنه
لا بد أن يمر من الكرملين كتعويض عن هيبة القطب الروسي التي خسرها في معارك
الجبهات المتعددة في ريف حمص وحلب، ولذلك أجبر الأسد أن يقوم بهذه الحركة الخاطفة بعد
خمسة أعوام حبس فيها بشار نفسه في أقبية قصوره الوهمية في دمشق.
بالإضافة أن تفاصيل الزيارة وطريقة إخراجها توضح
حسب رأي محللين أخرين إرادة بوتين أن يظهر للعالم السياسي أن رقبة بشار بيديه وهو
الوحيد القادر على إعطائه الأوامر والتي تنفذ بغير اعتراضات، وخاصة في سبق دولي
يبدو أنه لاستلام مرتبة المنقذ للبلاد السورية التي باتت قاب قوسين على أبواب
الحرية بعد تكسر القوى الإقليمية على عتبات الجبهات في المدن السورية المشتعلة.
وتنتظر وسائط الإعلام
الدولي أن تنقل مسكنات كلامية لم تعد تجدي نفعا من اجتماع مرتقب للرياض وعمان
وواشنطن وموسكو في فيينا حول الشأن السوري، ولا يعبأ بهذا الهراء السوريين على
الأرض طبعا، لتبقى السياسة بمنأى عن المعطيات الواقعية والتغيرات المستمرة على
الأرض والمدن السورية.