يعرب الدالي
وبعد أن تبادلت معه الحديث علمت أن أحمد يتيم الأب يعيش مع أمه وإخوته بعد أن توفي والده متأثرا بجراحه نتيجة قصف سابق استهدف المدينة ليجد نفسه رب الأسرة ووقع عليه اعباءها.
أحمد يبيع البوظة لأنها تؤمن له 300 ليرة سورية وهو مبلغ يكفي لشراء الخبز وهذا مايدفعه لتحمل تعب السير على قدميه بالإضافة إلى حرارة الطقس فقد بدأ فصل الصيف
أجابني احمد بنفس الإستهزاء الذي سألته به عن ماذا سوف يعمل بعد انتهاء فصل الصيف وبدء الشتاء البارد، واجابني [ببيع الفول الساخن ومابدها شي بفس البراد بس بتحمل البرد بدال ما اتحمل لحرارة] والناس بدها شي دافئ بدل البارد في الشتاء.
احمد ليس شاب فريد من نوعه فبينما أجالسه ريثما ينتهي من ملئ البوظة لي مر علينا الكثير من الشباب والأطفال يعملون في نفس المهنة مع احترافهم أساليب جديدة كأن يتنقلوا على دراجات هوائية أو يحملون انواع مختلفة من البوظة او يضعون للبراد حمالات شبيهة بأجهزة اللابتوب طبعا هذا يتطلب رأس مال اكبر من 500 ليرة لايملكه الكثيرين.
ومن مبدأ إكتمال الصورة يدفعني الفضول سألته عن مصدر البوظة في ظل انقطاع الكهرباء عن المدينة والجواب وكأنه سر من القرى القريبة التي يوجد فيها كهرباء
و هذا يتطلب من احمد أن يسير ساعات في الصباح الباكر قبل شروق الشمس لشرائها وتحضيرها قبل ان يبدأ رحلته اليومية.
تركني أحمد و ممضى باحثا عن رزقه يردد عباراته ذاتها في صوت أعلى تعبيرا عن فرحه بعمله هذا، خاصة وأنه علم أني سوف اجعل الأخريين يقرأون عنه. احمد يمضي في عمله وأنا اعود إلى السطح لكي اراقب الحرائق والطرقات التي فيها احمد ومحمد وحسين وعيسى وقد لونت الحرب حياتهم بألوان قاسية اخرى.
المصدر: مركز حمص الإعلامي - Homs Media Center